The Cultural & Scientific Association
The Cultural & Scientific Association
في سياق احتفالاتها بمئوية أحد أبرز رجالات الإمارات، نظّمت ندوة الثقافة والعلوم في مقرها بدبي أمسية حوارية بعنوان: «سلطان بن علي العويس ودوره في المجتمع، الحياة العامة، والعمل الثقافي والاقتصادي»، وذلك بحضور نخبة من الشخصيات الوطنية والمثقفين والأكاديميين، وفي مقدمتهم معالي سعيد الرقباني، مستشار حاكم الفجيرة ووزير الزراعة والثروة السمكية سابقًا، ومعالي أحمد حميد الطاير، وزير المواصلات سابقًا، وسعادة محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، وأدار الجلسة سعادة بلال البدور، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم.
وشهدت الأمسية حضور معالي محمد حسين الشعالي، وزير الدولة للشؤون الخارجية سابقًا، وعلي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، والدكتور صلاح القاسم، المدير الإداري، وأعضاء مجلس الإدارة، وسلطان صقر السويدي، والدكتور محمد سالم المزروعي، والدكتور سليمان موسى الجاسم، والدكتور سعيد حارب، والدكتورة حصة لوتاه، والدكتور عبد الخالق عبد الله، إلى جانب جمع كبير من الإعلاميين والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والاقتصادي.
استُهلت الندوة بعرض فيلم وثائقي استعرض مسيرة سلطان بن علي العويس، متناولًا محطاته في التجارة والعمل الثقافي والاجتماعي، وإسهاماته البارزة التي جعلت منه رائدًا من رواد النهضة الحديثة في دولة الإمارات والعالم العربي. وبهذه السيرة الغنية والملهمة، اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عام 2025 عامًا للاحتفاء بمئوية العويس، في واحدة من أرفع مبادراتها لتكريم الرموز الثقافية العالمية.
بلال البدور: تعريف العالم برموز الإمارات واجب وطني
وفي كلمته الافتتاحية، أكد سعادة بلال البدور أن مئوية سلطان بن علي العويس تمثل مناسبة وطنية وثقافية تعكس عُمق تأثيره في مختلف مناحي الحياة، مشيدًا بجهود مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بالتعاون مع اللجنة الوطنية الإماراتية للتربية والثقافة والعلوم في تسجيل هذه المبادرة لدى “يونسكو”. وأشار إلى أن ندوة الثقافة والعلوم سبق وأن احتفت بمئوية الشاعر سالم بن علي العويس عام 2004، واليوم تتشرف بأن تكون جزءًا من الاحتفاء العالمي بشخصية شكلت علامة بارزة في الاقتصاد والثقافة والعمل المجتمعي.
وأعلن البدور عن برنامج متكامل تنظمه الندوة طوال عام 2025، يتضمن ثلاث فعاليات رئيسية: ندوة حول مساهمات العويس الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وفعالية خاصة بجائزة العويس للإبداع، وندوة أدبية تسلط الضوء على جماليات شعره.
أحمد الطاير: مؤسس من طراز نادر
استعرض معالي أحمد الطاير البعد الاقتصادي في مسيرة العويس، مشيرًا إلى أنه نشأ في بيت تجاري عريق أسسه والده، وبدأ نشاطه التجاري في الهند قبل أن يشارك في تأسيس بنك دبي الوطني، أول بنك وطني إماراتي، على غرار بنك الكويت الوطني، بدعم من المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. تولّى العويس رئاسة مجلس إدارة البنك حتى وفاته، وكان من أشد الداعمين لضخ دماء شابة في الإدارة، حيث تنازل عن جزء من أسهمه لصالح الجيل الجديد، ما عزز من قوة المصرف ومكانته.
وأشار الطاير إلى مساهمات العويس في تأسيس شركات وطنية مثل “بيبسي دبي” وشركات غذائية وتحلية المياه، فضلًا عن قربه من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومساهمته في تمويل مشاريع تنموية حيوية من دون تحميل الدولة أعباء القروض، في وقت كانت فيه بعض البنوك تواجه تحديات سيولة.
سعيد الرقباني: من الفكرة إلى بناء السدود
أما معالي سعيد الرقباني، فتحدث عن تجربة سلطان بن علي العويس في دعم مشاريع المياه، حيث كان له الفضل في تشييد عدد من السدود، أبرزها سد الطويين وسد العويس، بعد اقتراح تقدّم به الرقباني، ورحب به المغفور له الشيخ زايد، مثمنًا مبادرة العويس وداعيًا وسائل الإعلام الرسمية لتكريمه. وأكد الرقباني أن العويس لم يكن رجل أعمال فحسب، بل كان فاعل خير وراعيًا للشباب والدراسات العلمية، وأسهم في مشاريع إنسانية داخل الدولة وخارجها.
محمد المر: الوقف الثقافي وميلاد المؤسسة
من جانبه، تناول سعادة محمد المر البعد الثقافي في حياة العويس، مشيرًا إلى خلفيته الأدبية وانتمائه إلى عائلة عُرفت باهتمامها بالأدب والشعر. وتحدث عن صداقة سلطان العويس بالشيخ صقر بن سلطان، وانخراطه المبكر في الحراك الثقافي العربي، ما هيّأه لاحقًا لإطلاق مشروع ثقافي طموح بدأ بإنشاء ندوة الثقافة والعلوم، ثم إطلاق جائزة العويس الثقافية التي تحولت إلى مؤسسة وقفية بمرسوم من الشيخ مكتوم بن راشد، تكرّم المثقفين العرب وتدعم المشهد الثقافي والفكري في العالم العربي.
كما استعرض المر دور العويس في تكريس ثقافة الوقف الثقافي، مشيرًا إلى أنه حوّل أسهمه في “اتصالات” لصالح المؤسسة، وشارك إلى جانب رجال أعمال آخرين في ترسيخ هذه الثقافة بالتعاون مع شخصيات مثل جمعة الماجد.
مداخلات ختامية
وخلال الندوة، دعت الدكتورة حصة لوتاه إلى إطلاق مبادرة باسم سلطان العويس لتحفيز طلاب المدارس، لا سيما المواطنين، على قراءة الأدب والمشاركة في الفعاليات الثقافية. وأكد الدكتور محمد مراد عبدالله أهمية الوقف الخيري في دعم الصحة والتعليم والثقافة، مستشهدًا بتجربة مؤسسة سعيد بن أحمد لوتاه الخيرية، التي تم تأسيسها بموجب مرسوم من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
واختتمت الروائية فتحية النمر الندوة بالتأكيد على أن سلطان بن علي العويس لم يترك فقط بصمة مادية في الاقتصاد أو البنية المجتمعية، بل أرسى إرثًا ثقافيًا وإنسانيًا خالدًا، يجسّد المعنى الحقيقي للخلود عبر الكلمة والموقف والعطاء.