The Cultural & Scientific Association
The Cultural & Scientific Association
06-04-2021
في أمسية وفاء استحضرت عبق الذاكرة الثقافية الإماراتية، نظّمت ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع هيئة الثقافة والفنون في دبي فعالية بعنوان «التجربة الثقافية للأديب محمد القرق»، احتفاءً بمسيرة الأديب الراحل وإسهاماته الفكرية والإبداعية، وذلك بحضور معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، والأديب عبدالغفار حسين، وسعادة بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة، وأعضاء مجلس الإدارة: علي عبيد الهاملي، د. صلاح القاسم، عائشة سلطان، د. حماد بن حماد، جمال الخياط، مريم ثاني، د. سعيد حارب، د. عبدالرزاق الفارس، د. رفيعة غباش، ود. محمد غباش، إلى جانب نجليّ الراحل: طارق القرق الرئيس التنفيذي لدبي العطاء وأريج القرق، وجمهور من المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي.
استهل الأمسية سعادة بلال البدور مستذكراً الحضور الثقافي والأدبي للأديب محمد القرق، وعلاقته الوثيقة به منذ تأسيس الندوة، متناولاً سيرة الراحل الذي وُلد عام 1930 وتوفي عام 2000. وقد بدأ القرق تعليمه عند الشيخ عبد الله الأوفى، ثم التحق بمدرسة الفلاح، قبل أن يتابع دراسته على يد أحمد محمد القمبري. وأكد البدور أن الراحل نهل من مكتبة والده، الذي خصص جزءاً من دكانه لبيع الكتب والمجلات القادمة من البحرين، فجمعها القرق وقام بتجليدها، وكان أول كتاب يقتنيه بعنوان: «جولة في ربوع الشرق الأدنى بين مصر وأفغانستان.. من مشاهدات سائح مصري».
وتطرق البدور إلى حياته العملية، موضحاً أنه عمل في بنك الشرق الأوسط لمدة خمس سنوات حيث تعلّم استخدام الآلة الكاتبة، وأقام صداقات في الشارقة، وفي الوقت ذاته أولع بالتصوير الفوتوغرافي والسينمائي، مسجلاً بعدسته مشاهد من رحلاته مع الأصدقاء، ومنها رحلته إلى مصر عام 1956 التي لا تزال صورها محفوظة في أرشيفه. كما أشار إلى أن القرق كتب العديد من القصائد الشعرية، منها معارضات لبعض قصائد البحتري وابن زيدون، وكان على استعداد لإصدار كتاب حول الأمثال في الشعر العربي.
أما الأديب عبد الغفار حسين، فأكد أن محمد القرق ينتمي إلى الرعيل الأول من مثقفي الإمارات، حيث بدأ مسيرته في الشارقة، وعمل في البنك البريطاني عام 1946، قبل أن ينتقل إلى الوكالة السياسية البريطانية التي رافقها إلى دبي عام 1952. وبيّن أن القرق من أوائل المصورين السينمائيين بعد عبد الكريم كابتن، وأن أرشيفه زاخر بالأفلام والصور، وهو أيضاً من أوائل الإماراتيين الذين أسسوا مكتبة خاصة عامرة بالكتب والمجلات. وأوضح حسين أن القرق كان من أكثر مثقفي الإمارات سفراً إلى الدول العربية، وأنه أول خليجي جالس الأديب عباس محمود العقاد وواظب على حضور صالونه الأدبي، كما أنه ثاني خليجي يترجم رباعيات الخيام كاملة، وقد استغرقته هذه الترجمة سنوات طويلة، وأسس مكتبة متكاملة حول عمر الخيام بجميع ترجماته. وأصدر موسوعته «غيض من فيض» التي صدرت في ثلاث مجلدات.
من جانبه، تحدث معالي محمد المر عن علاقته بالراحل منذ تأسيس الندوة، مؤكداً أنه كان يتصف بدماثة الخلق والتواضع وحب الطرفة والدعابة، خاصة التاريخية منها، إذ كان مولعاً بقراءة كتب مثل «العقد الفريد» و«الأغاني» وأعمال التوحيدي والجاحظ، وكان ذواقاً في اختيار الطرائف الأدبية التي تحمل مفارقة معرفية وتتطلب قراءات متعددة. وأوضح المر أن القرق انشغل في بدايات تأسيس الدولة بالعمل والبناء، قبل أن يتفرغ للترجمة والتأليف، ومن أبرز إنجازاته ترجمته لرباعيات الخيام التي أولاها عناية خاصة في دقتها الفنية، وحرص على إخراجها بإخراج متكامل من حيث الغلاف ونوع الورق. كما كتب في مجلة «الشروق» التابعة لجريدة الخليج، وفي مجلة «الرياضة والشباب» التابعة لجريدة البيان، وتميزت كتاباته بالتوثيق والعمق.
وفي مداخلة مؤثرة، استعرض الدكتور طارق القرق علاقة والده بمؤسسي الندوة، مثل إبراهيم بوملحة، ومحمد المر، وعبد الغفار حسين، وبلال البدور، وكذلك علاقاته الوثيقة بالراحلين سيف غباش وعبد الله صالح. وأكد أن والده كان شغوفاً بالكتب والتصوير والأرشيف، وبالشعر بشكل خاص، لافتاً إلى أنه ترجم شعر عمر الخيام على مدار 12 سنة، واستعان بمزخرف ورسام لإعداد الجانب الفني للكتاب. أما أريج القرق فأشارت إلى عمق علاقتها بوالدها، الذي كان محباً للاستماع إلى أغاني محمد عبد الوهاب ومشاهدة الأفلام الوثائقية، ومولعاً باللغة العربية والطرفة الأدبية.
واختتمت الدكتورة رفيعة غباش الأمسية بإلقاء الضوء على إرث محمد القرق وما تركه من ثروة فكرية وأدبية للمكتبة العربية، مؤكدة أن ما خلّفه من مؤلفات وإبداعات يستحق الاحتفاء والبحث والتوثيق للأجيال القادمة.