ألف شمس مشرقة” للكاتب خالد الحسيني في ندوة الثقافة والعلوم بدبي

ألف شمس مشرقة" للكاتب خالد الحسيني في ندوة الثقافة والعلوم بدبي

2020

في أمسية أدبية افتراضية، أضاءت ندوة الثقافة والعلوم في دبي على رواية «ألف شمس مشرقة» للكاتب الأفغاني خالد الحسيني، لتفتح فضاءً رحباً للنقاش حول قضايا المرأة والمجتمع والحرب، وتجمع حولها نخبة من النقاد والمبدعين.
الجلسة، التي أدارتها الكاتبة عائشة سلطان، رئيس اللجنة الثقافية وعضو مجلس الإدارة، شهدت مشاركة علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، والدكتور محمود الضبع، والدكتور شكري المبخوت، والدكتورة مريم الهاشمي، والكاتبة فتحية النمر، وزينة الشامي، والشاعرة رنوة العصمي من البحرين، إلى جانب حضور واسع من المثقفين والمهتمين.
واستهلّت الكاتبة عائشة سلطان النقاش بتقديم قراءة في الرواية، موضحةً أنها تسلّط الضوء على تطور وضع المرأة في أفغانستان منذ الحقبة الملكية وصولاً إلى حكم طالبان، وكيف أثّرت الصراعات الداخلية والأطماع السياسية في واقعها. وأكدت أن «ألف شمس مشرقة» تُعد واحدة من أهم الروايات التي تناولت قضايا المرأة والحرب معاً، فهي رواية صراع وتحوّلات سياسية واجتماعية كبرى، تبدأ من الغزو السوفيتي، مروراً بالمجاهدين وأمراء الحرب، وانتهاءً بتجليات طالبان، وقد جسّدت بطلات الرواية هذه التحولات بعمق إنساني ولغة أدبية رصينة.
ثم قدّم علي عبيد الهاملي مداخلته، مشيراً إلى أن خالد الحسيني لم يكتفِ بسرد الحكاية، بل ضمن روايته تفاصيل عن المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني والحياة اليومية في ظل الحرب، ما شبّهه بكتاب «داغستان بلدي» لرسول حمزاتوف، الذي جمع بين الحكاية والتاريخ. وأوضح أن نحو 80% من أحداث الرواية تقوم على الحرب والصراع على النفوذ والسلطة، وهو ما مهّد الطريق لظهور طالبان، بينما بقي البعد الإنساني والوجداني حاضراً بقوة في خلفية السرد.
من جانبه، أكد الدكتور محمود الضبع أن الحكم على أي مبدع لا يتم من خلال عمل واحد، بل من خلال مجمل مشروعه الأدبي، مبرزاً أن الحسيني من أصحاب المشروعات الكبرى. وأضاف أن الرواية التقطت عبر تفاصيل دقيقة التحولات التي شهدها المجتمع الأفغاني؛ مجتمع كان يوماً ليبرالياً متسامحاً تعايشت فيه أطياف الشعب، قبل أن تعصف به التيارات المتشددة والاحتلالات الأجنبية. وأوضح أن صعوبة الرواية تكمن في رسم تلك التفاصيل الصغيرة المؤثرة التي تترك أثراً عميقاً في نفس القارئ، لافتاً إلى أن الحسيني استخدم الحرب كخلفية موازية للحبكة، ما يدل على احترافية عالية في صياغة السرد.
أما زينة الشامي فقد عرّفت بالكاتب، موضحةً أنه طبيب أفغاني–أمريكي ولد في كابول، اشتهر بروايته الأولى «عداء الطائرة الورقية» التي تصدرت قوائم المبيعات، ثم عمّق حضوره الأدبي بروايته الثانية «ألف شمس مشرقة» التي تصدرت قائمة نيويورك تايمز كأكثر الكتب مبيعاً، وحصلت على جائزة أفضل غلاف فني. وأشارت إلى أن طبيعة عمل والده الدبلوماسي أتاح له الاطلاع على ثقافات متعددة والتحدث بعدة لغات، وهو ما انعكس في كتاباته.
وأضافت فتحية النمر أن الرواية، رغم كونها ملحمة من الألم والمعاناة، كُتبت بلغة هادئة لا صخب فيها، وقد نجح الحسيني في رسم بورتريهات قوية لشخصياته وإبراز طبيعة بلاده بألوان تشكيلية آسرة، حفزت القارئ على التعلق بالمكان ورغبته في التعرف إليه. واعتبرت أن القفزات الزمنية المتعددة في الرواية دليل ذكاء الكاتب في إدارة السرد.
وأشارت الدكتورة مريم الهاشمي إلى أن الرواية تؤكد أن الحسيني ظل مشدوداً لوطنه رغم إقامته في الخارج، وأن التحيز للمكان يشكل منتجاً ثقافياً ومعرفياً يربط القارئ بهويته وخصوصياته. ولفتت إلى أن النص تناول قضايا السلطة والهيمنة التي فرضتها الحروب والتحولات السياسية على المجتمع الأفغاني، مؤكدة أن الحسيني كتب نصوصاً متأصلة الجذور تعكس واقع بلاده بكل ما فيه من مشكلات وأوجاع.
وركزت الشاعرة رنوة العصمي على الحضور القوي لأفغانستان في الرواية، رغم أن الكاتب لم يعش فيها إلا سنوات قليلة في طفولته. وأشارت إلى أن الحنين إلى الوطن الغائب ظل يحرّكه، فجاء تصويره لمعاناة المرأة من القمع والاضطهاد شديد التأثير، معتبرة أن الإشارة إلى فيلم «تيتانيك» في الرواية تحمل دلالة رمزية عن عطش الإنسان للمشاعر وسط قسوة الحروب.
وفي ختام الجلسة، أكد الدكتور شكري المبخوت أن خالد الحسيني كاتب محترف استطاع أن يبني حبكة متينة، ارتكزت على قضية العنف ضد المرأة ورصدت التحولات السياسية في أفغانستان وصولاً إلى طالبان. وأضاف أن الحسيني لم يكتب من الداخل فحسب، بل كتب من الخارج أيضاً بعين المراقب ووجدان المشتاق، وهو ما منح نصوصه بعداً إنسانياً عالمياً جعلها قادرة على الوصول إلى قراء من مختلف أنحاء العالم.

ألف شمس مشرقة” للكاتب خالد الحسيني في ندوة الثقافة والعلوم بدبي
Scroll to top