
The Cultural & Scientific Association
The Cultural & Scientific Association

08-03-2017
مثّلت الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ بداياتها، محور اهتمام أصيل وشامل، تداخلت فيه جهود المؤسسات الرسمية مع مبادرات المجتمع المدني، والأفراد المؤمنين برسالة الثقافة وأثرها في بناء الأوطان. وقد أثمر هذا التفاعل بين مختلف الأطراف حركة معرفية وتنموية فريدة، جعلت من الإمارات نموذجاً رائداً في المنطقة والعالم، بفضل ما تحقق من نتائج ملموسة على مستوى رعاية الإبداع، وتحفيز المبدعين، وتوسيع نطاق المشاركة في الحراك الثقافي.
وانطلاقاً من هذه الأهمية، ارتأت صحيفة البيان بالتعاون مع ندوة الثقافة والعلوم في دبي، أن يكون موضوع العمل الخيري الثقافي هو المحور الاستهلالي لبرنامج ندواتهما الشهرية، في إطار عام الخير 2017، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه.
الكلمات الافتتاحية: ندوة تأسيسية
استهلّ الجلسة سلطان صقر السويدي، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، بكلمة ترحيبية أكد فيها أن الندوة بالشراكة مع صحيفة البيان تفتح اليوم ملفاً بالغ الأهمية، هو ملف الوقف والعمل الخيري الثقافي. وأوضح أن هذا النوع من العطاء ينسجم مع نهج قادة الدولة الذين رسّخوا ثقافة الخير والعطاء في كل المجالات، ومنها الثقافة.
وأضاف أن ندوة الثقافة والعلوم مع البيان تمثلان شريكين رئيسيين في ترسيخ هذا التوجه، وأنهما يطمحان إلى أن يسهم هذا النقاش في بلورة رؤى مستقبلية تعزز من دور الثقافة في خدمة المجتمع.
بدوره، تحدث علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، مؤكداً أن اختيار هذا الموضوع جاء توافقاً مع إعلان عام 2017 عام الخير. واستعرض جذور العمل الخيري الثقافي في الإمارات منذ عام 1912، حين أسس الشيخ أحمد بن دلموك مدرسة الأحمدية في دبي، لتكون منطلقاً لحركة تعليمية وثقافية خرّجت أجيالاً من أبناء الوطن، بينهم المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.
محطات تاريخية وتجارب ملهمة
أشار الهاملي إلى أن العمل الثقافي استمر عبر جهود مثقفين بارزين ومبادرات فردية، من بينها إصدار المجلات الأولى بجهود شخصية، حتى تبلورت ملامح العمل الثقافي الأهلي قبل وبعد قيام الاتحاد. وقد ساهم في ذلك رجال ونساء من رموز الإمارات، مثل سلطان بن علي العويس، شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، وأسماء صديق المطوع.
وتناول حسين درويش، رئيس قسم الثقافة في صحيفة البيان ومدير الندوة، أهمية نشر مضامين النقاشات لإيصالها إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، اقتداءً برؤية قادة الدولة في تعزيز العطاء الثقافي. وأوضح أن كثيراً من الجوائز العالمية والمحلية، مثل جائزة نوبل، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة العويس، قامت على فكرة الوقف الثقافي.
تجربة مؤسسة العويس
استعرض د. محمد المطوع مسيرة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، مشيراً إلى أنها بدأت كجائزة أدبية ثم توسعت لتشمل الندوات والمعارض والأنشطة الثقافية. وأكد أن الراحل سلطان بن علي العويس كان من أبرز الداعمين لفكرة الوقف الثقافي، وأن المؤسسة تستند إلى مجلس أمناء يضم شخصيات بارزة من الرجال والنساء، بينهم د. فاطمة الصايغ.
كما أوضح أن المؤسسة لا تتدخل في تقييم الجوائز، بل تترك الأمر لمحكمين متخصصين لضمان الحياد والموضوعية.
وعقّب سلطان صقر السويدي مبرزاً أن الراحل العويس أولى الشباب عناية خاصة، فخصّص دعماً لندوة الثقافة والعلوم لتأسيس جائزة العويس للإبداع الموجهة لأبناء الإمارات في مختلف مراحلهم العمرية.
الريادة النسائية والعمل الثقافي
قدّمت أسماء صديق المطوع، مؤسسة صالون الملتقى، تجربتها في تأسيس أول صالون ثقافي نسائي في الدولة قبل 22 عاماً، والذي ساهم في تعزيز ثقافة القراءة والنقاش الفكري عبر الندوات وطباعة الكتب وتوزيعها.
أما د. عزة جلال هاشم فقد سلطت الضوء على تاريخ الأوقاف الثقافية، مؤكدة أن الكثير من الأوقاف في العالم العربي كانت نتاج مبادرات نسائية، حتى اعتبر البعض أن “تاريخ الأوقاف مؤنث”، نظراً لدور النساء في تمويل البرامج الثقافية والاجتماعية.
مراكز رائدة في دعم الثقافة
أوضح باسل محمد، رئيس شعبة الإعلام في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، أن المركز منذ تأسيسه حظي بدعم مباشر من القيادة الرشيدة، خصوصاً المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وقد أصبح المركز منارة معرفية، يخدم آلاف الباحثين محلياً وعالمياً، ويعزز التعاون مع الوزارات والمؤسسات الرسمية.
ثقافة الخير في المجتمع الإماراتي
قدّمت د. منى الفلاسي قراءة اجتماعية حول جذور ثقافة الخير في الإمارات، مؤكدة أن التكافل والعطاء سلوك متجذر في المجتمع، تعمّق مع رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واستمر مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وأضافت أن للثقافة نصيباً وافراً من الأوقاف في الدولة، حيث تُعد مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان مثالاً حياً لدعم ثقافة الطفل وتنمية مواهبه عبر أنشطة وجوائز قائمة على فكرة الوقف الخيري.
مفاهيم تحتاج إلى تصويب
أشارت الفلاسي إلى أن التنمية لا تقوم على الجهد الحكومي وحده، بل تحتاج إلى دعم المجتمع عبر الوقف الثقافي. واعتبر السويدي أن الفهم العربي للوقف بحاجة إلى تصويب، إذ يُختصر غالباً ببناء المساجد، بينما يمتد ليشمل التعليم والثقافة والصحة.
أما ياسر القرقاوي، مدير الأنشطة في وزارة الثقافة، فأكد أن الوقت قد حان لترسيخ مفهوم الوقف الثقافي باعتباره استثماراً في المستقبل، مشيراً إلى أن وزارة الثقافة تدعم المبادرات كافة في هذا المجال.
الإعلام ودوره المستقبلي
تساءل السويدي عن قدرة الإعلام على مواكبة الحراك الثقافي في ظل التحولات التقنية. وأوضح علي عبيد الهاملي أن الإعلام التقليدي لعب سابقاً دوراً مهماً لكنه تراجع أمام قوة الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي. وشدد على ضرورة الدمج بين الإعلام الرسمي والاجتماعي لزيادة المصداقية والتأثير.
التوصيات
خرجت الندوة بعدد من التوصيات المهمة، أبرزها:
• تعزيز العمل الخيري الثقافي كحجر زاوية في التنمية المجتمعية.
• سن تشريعات تشجع الأفراد والمؤسسات على الاستثمار في الوقف الثقافي.
• تعميق التنسيق بين المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية.
• إدماج ثقافة الوقف في نفوس الأجيال من خلال المناهج التعليمية.
• مأسسة العمل الثقافي ليبقى مستمراً ومستقلاً عن الأفراد.
المشاركون
• سلطان صقر السويدي – رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم.
• علي عبيد الهاملي – نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، رئيس مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام.
• د. محمد عبد الله المطوع – أمين عام مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية.
• د. منى بوفروشة الفلاسي – عضو مجلس إدارة مجلس الشيخة شما بنت محمد للفكر والمعرفة (العين).
• ياسر القرقاوي – مدير الأنشطة في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.
• حسين درويش – رئيس قسم الثقافة في صحيفة البيان، مدير الندوة.
• أسماء صديق المطوع – مؤسسة صالون الملتقى في أبو ظبي.
• د. عزة جلال هاشم – منسقة أكاديمية وعضو في صالون الملتقى.
• باسل محمد – رئيس شعبة الإعلام في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث.