
The Cultural & Scientific Association
The Cultural & Scientific Association

05-06-2017
استضافت ندوة الثقافة والعلوم بدبي محاضرةً توثيقية بعنوان «قراءة مأثورات النقود الإسلامية ودلالتها»، قدّمها الدكتور عاطف منصور، أستاذ المسكوكات الإسلامية وعميد كلية الآثار بجامعة الفيوم، بحضور معالي محمد المر رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، والكاتبة عائشة إبراهيم سلطان، ونخبة من المثقفين والمهتمين بالقيمة التاريخية والجمالية للمسكوكات النقدية الإسلامية. وقد شكّلت الندوة مناسبةً لإعلان انتهاء الجزأين الأول والثاني من موسوعة «الإمارات في المسكوكات الإسلامية»، المقرّر أن تصدر في عشرة أجزاء متتابعة، بما يضع بين أيدي الباحثين مرجعاً موسوعيّاً يضيء تاريخ الإمارات والمنطقة عبر شواهد النقد.
أشاد الدكتور عاطف منصور بمقتنيات الباحث عبد الله بن جاسم المطيري من المسكوكات، التي بلغت نحو 14 ألف قطعة تعود إلى عصور متباينة، أبرزت جماليات المسكوكات الإسلامية وإبهارها الفني على نحوٍ خاص، وأسهمت في ترسيخ ثقافة جمالية ومعرفة تاريخية مرتبطة بهذه القطع. وأوضح أن مجموعة المطيري تُمثّل عملاتٍ من أكثر من 150 دولة، تمتد زمنياً منذ عصر ما قبل الإسلام عبر النقود الساسانية والبيزنطية المتداولة في شبه الجزيرة العربية – والتي كانت بمثابة نقود دولية وأداة فوق إقليمية للتداول – وصولاً إلى نقود بعض الممالك العربية ثم العصور الإسلامية اللاحقة.
وكشف منصور أن بعض القطع النقدية العائدة إلى مجتمعات شبه الجزيرة العربية بلغت قيمتها في السوق العالمية نحو 3.8 ملايين جنيه إسترليني تقريباً، فيما تجاوزت قيمة قطعٍ أخرى مليون جنيه إسترليني، بما يعكس ندرة هذه المسكوكات وفرادتها التاريخية والفنية.
المسكوكات مصدرٌ للتاريخ والحضارة
أكد الدكتور منصور أن النقود الإسلامية تُعد مصدرًا مهمًا من مصادر دراسة التاريخ والآثار والحضارة الإسلامية. واستشهد بقول عالم النُّميات الأميركي جورج س. مايلز في مقدمة كتابه عن تاريخ الريّ النقدي: إن حقل التاريخ الإسلامي لم تخدمه مادة كما خدمته المسكوكات الإسلامية. وأضاف أن النقود لعبت دوراً سياسياً محورياً في العصر الإسلامي لم يسبق له مثيل؛ إذ مثّلت شارات الملك والسلطان التي يحرص الخلفاء والحُكّام على اتخاذها عقب اعتلائهم الحكم، نظراً إلى ما للنقد من رمزية سيادية وحمولة عقائدية وإدارية واضحة عبر المأثورات المنقوشة.
منصة الندوة… عرضٌ علمي وتوثيقٌ أسري
سجّلت الندوة مفارقةً لافتة تمثّلت في أن جانباً كبيراً من الحديث انصبّ على مقتنيات عبد الله بن جاسم المطيري، بينما كانت مديرة الندوة هي الشاعرة شيخة المطيري – ابنته – صاحبة الإحاطة الدقيقة بتفاصيل مجموعته، وهو ما أضفى على الأمسية طابعاً توثيقياً حميما يجمع بين العلم والأسرة، وبين الذاكرة الفردية والذاكرة المؤسسية التي ترعاها ندوة الثقافة والعلوم.
المطيري: هاوٍ وباحثٌ معاً
أشار الدكتور منصور إلى أن عبد الله بن جاسم المطيري بذل جهداً كبيراً في جمع مجموعات النقود الإسلامية المحفوظة في المتاحف والقصور، ولدى أصحاب المجموعات الخاصة، وهو مسعى حظي باهتمام الباحثين في المسكوكات منذ القرن الثامن عشر الميلادي، لما تُشكّله النقود من مصادر أصيلة للتاريخ الإسلامي. وأوضح أن المطيري لم يكتفِ بالاقتناء، بل انخرط في البحث العلمي، فأعدّ دراساتٍ وأبحاثاً حول نماذج من مسكوكاته، وشارك في مؤتمرات علمية وحلقات نقاشية، على امتداد أكثر من ثلاثين عاماً من العناية بالنقد الإسلامي واقتنائه.
موسوعة «الإمارات في المسكوكات الإسلامية»: فكرة ومنهج وإصدار تباعاً
أعلن الدكتور منصور الانتهاء من الجزأين الأول والثاني من موسوعة «الإمارات في المسكوكات الإسلامية»، موضحاً أن المشروع يقوم على منهجٍ توثيقي تحليلي يجمع بين القراءة الفنّية لـ جماليات الضرب والزخارف والخطوط، والقراءة التاريخية لـ المأثورات والنصوص (أسماء الحكّام، الألقاب، الصيغ الدينية، تواريخ الضرب وأماكنه)، بما يتيح إعادة بناء سرديات محلية عن التبادلات الاقتصادية والسياسية التي مرّت بها المنطقة. وستصدر الأجزاء العشرة تباعاً، لتشكّل موسوعة مرجعية للباحثين والمهتمين.
تكريم ختامي
وفي ختام الأمسية، قدّمت الكاتبة عائشة إبراهيم سلطان شهادة تقدير باسم الندوة إلى الدكتور عاطف منصور، تثميناً لعطائه العلمي وإسهامه في إحياء ذاكرة النقد الإسلامي وربطها بسياق الإمارات التاريخي والثقافي.