The Cultural & Scientific Association
The Cultural & Scientific Association
حِينَ تَتَحَوَّلُ الشَّقَّةُ إِلَى قَلْعَةٍ
بِمَسِيرَةٍ مَعْرِفِيَّةٍ نَقِيَّةٍ، وَخُطًى وَاثِقَةٍ امْتَدَّتْ لِعُقُودٍ، بَدَأَتْ نَدْوَةُ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ فِي دُبَيَّ رِحْلَتَهَا مِنْ شَقَّةٍ مُتَوَاضِعَةٍ فِي شَارِعِ الرِّقَّةِ، لِتَنْتَقِلَ، مَعَ نُضْجِ الفِكْرَةِ وَتَبَلْوُرِ الرُّؤْيَةِ، إِلَى صَرْحٍ ثَقَافِيٍّ مِعْمَارِيٍّ مُذْهِلٍ عَلَى شَاطِئِ المَمْزَرِ.
رُبَّمَا يَبْدُو هَذَا العُنْوَانُ مَيْلًا إِلَى التَّشْوِيقِ، إِلَّا أَنَّهُ يُجَسِّدُ بِصُورَةٍ صَادِقَةٍ مَسِيرَةً اخْتَطَّتْهَا لِنَفْسِهَا نَدْوَةُ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ فِي دُبَيَّ عَلَى مَدَارِ عِقْدَيْنِ زَاخِرَيْنِ بِالعَطَاءِ المَعْرِفِيِّ، أَدَّتْ فِيهِمَا دَوْرَهَا بِمَا يَلِيقُ مِنَ الجِدِّيَّةِ وَالشَّفَافِيَّةِ، انْطِلَاقًا مِنْ مَقَرِّهَا القَدِيمِ – شَقَّةٍ وَسَطَ مَدِينَةِ دُبَيّ – حَتَّى تَوَّجَتْ رِحْلَتَهَا بِمَبْنًى يَسْتَوْعِبُ طُمُوحَهَا وَيُجَسِّدُ رُؤْيَتَهَا الثَّقَافِيَّةَ …
هَنْدَسَةٌ تُشْبِهُ الرُّوحَ
تَمَّ اخْتِيَارُ مَوْقِعِ المَبْنَى بِعِنَايَةٍ، لِيُطِلَّ عَلَى بَحْرِ المَمْزَرِ، حَيْثُ يَنْفَتِحُ الأُفُقُ عَلَى تَأَمُّلٍ لَا حُدُودَ لَهُ، وَتَعْكِسُ الْمِيَاهُ حَرَكَاتِ الجَمَالِ وَسُكُونِ الرُّوحِ. وَجَاءَ التَّصْمِيمُ لِيَكُونَ مَرَايَةً لِمُعَادَلَةٍ حَضَارِيَّةٍ دَقِيقَةٍ: تُوَائِمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالمَادَّةِ، وَبَيْنَ العِلْمِ وَالجَمَالِ، وَبَيْنَ الحِوَارِ وَالمَعْرِفَةِ.
المَبْنَى مُكَوَّنٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ رَئِيسِيَّةٍ:
– الأَوَّلُ: ثَلَاثُ بَراجِيلَ عِمْلَاقَةٌ (صَائِدَاتُ النَّسِيمِ) ، تَسْتَحْضِرُ تُرَاثَالعِمَارَةِ الإِمَارَاتِيَّةِ وَفَنَّ التَّهْوِيَةِ التَّقْلِيدِيَّةِ.
– الثَّانِي: قَاعَةٌ وُسْطِيَّةٌ بِهَيْئَةِ قَلْعَةٍ تُحَاكِي فِي مَعَانِيهَا وَتَصْمِيمِهَا حِكْمَةَ القِلَاعِ التُّرَاثِيَّةِ وَرُسُوخَهَا.
– الثَّالِثُ: جَنَاحٌ يُجَسِّدُ آفَاقَ المُسْتَقْبَلِ، وَيَعْكِسُ حَرَكَةَ التَّطَوُّرِ الاقْتِصَادِيِّ وَالثَّقَافِيِّ فِي الدَّوْلَةِ.
وَتَتَكَامَلُ فِي تَكْوِينِهِ العَمَارِيِّ ثَلَاثَةُ عَنَاصِرَ أَسَاسِيَّةٌ: الحَجَرُ، وَالخَشَبُ، وَالزُّجَاجُ. كُلٌّ مِنْهَا حَامِلٌ لِوَظِيفَةٍ جَمَالِيَّةٍ وَوِجْدَانِيَّةٍ، تُسَاهِمُ فِي بِنَاءِ مَشْهَدٍ حِسِّيٍّ يُنْطِقُ المَكَانَ وَيَسْكُنُ الذَّاكِرَةَ.
المَعْنَى يَسْكُنُ التَّفَاصِيلَ
مِنَ النَّافُورَةِ المُرَخَّمَةِ فِي رَدْهَةِ الِاسْتِقْبَالِ، إِلَى الحَدِيقَةِ الخَلْفِيَّةِ المُطِلَّةِ عَلَى البَحْرِ، تُرَافِقُ الزَّائِرَ تَفَاصِيلُ مِعْمَارِيَّةٌ غَنِيَّةٌ. فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ لَوْحَةٌ، وَفِي كُلِّ قِطْعَةِ خَشَبٍ حِكَايَةٌ، وَفِي كُلِّ انْعِكَاسِ زُجَاجٍ بَوْحٌ فَنِّيٌّ خَالِدٌ.
النَّوَافِذُ الزُّجَاجِيَّةُ، وَالأَسْقُفُ المُعَشَّقَةُ بِالأَلْوَانِ، تُضِيءُ المَبْنَى بِنُورِ الشَّمْسِ الطَّبِيعِيِّ، وَتَحْمِلُنَا إِلَى فَضَاءَاتِ الجَوَامِعِ الأَنْدَلُسِيَّةِ، وَالجَامِعِ الأُمَوِيِّ، وَقَصْرِ الحَمْرَاءِ.
الجَمالُ يُنْطِقُ الحِجارَةَ
حُضُورُ المَاءِ وَالنُّورِ وَالخُضْرَةِ فِي المَشْهَدِ المِعْمَارِيِّ يُضْفِي عَلَى المَكَانِ طَابِعًا إِنْسَانِيًّا عَمِيقًا. حَتَّى قَبْلَ دُخُولِ الزَّائِرِ، يَسْتَقْبِلُهُ فَنُّ البَسْتَنَةِ، وَحِكْمَةُ الحَجَرِ، وَعَبَقُ الخَطِّ العَرَبِيِّ المُنْقُوشِ بِرُقِيٍّ عَلَى الوَاجِهَاتِ.
فَنُّ الخَطِّ العَرَبِيِّ… جُدْرَانٌ تَنْطِقُ الحِكْمَةَ
يَشْكِلُ فَنُّ الخَطِّ العَرَبِيِّ مَلْمَحًا أَسَاسِيًّا فِي جَمَالِيَّاتِ المَبْنَى؛ فَهُوَ يُزَيِّنُ وَاجِهَاتِهِ، وَجُدْرَانَهُ، وَأَرْوِقَتَهُ، وَسَلَالِمَهُ، حَامِلًا آيَاتٍ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةٍ، وَأَبْيَاتَ شِعْرٍ، وَحِكَمًا مُؤَثِّرَةً.
اخْتَارَ النُّصُوصَ الأَدِيبُ مُحَمَّدُ المَرّ، وَقَامَ بِتَصْمِيمِهَا وَتَنْفِيذِهَا نُخْبَةٌ مِنْ فَنَّانِي الخَطِّ وَالزَّخْرَفَةِ، مِنْ بَيْنِهِمْ: وَسَامُ شَوْكَت، مُحَمَّدُ فَارُوقُ حَدَّاد، د. صَلَاحُ الدِّينِ شِيرَاز، تَاجُ السَّرِّ حَسَن، مُحَمَّدُ عِيسَى، وَحَمَدُ رَضَا بِلَال.
وَتَتَنَوَّعُ أَنْوَاعُ الخُطُوطِ المُسْتَخْدَمَةِ فِي تَزْيِينِ جُدْرَانِ المَبْنَى، بَيْنَ خَطِّ الثُّلُثِ الَّذِي يَتَّسِمُ بِالفَخَامَةِ وَالانْسِيَابِيَّةِ، وَالخَطِّ الكُوفِيِّ الَّذِي يَمِيلُ إِلَى الزَّوَايَا وَالهَنْدَسَةِ، وَالخَطِّ الدِّيوَانِيِّ بِتَعْقِيدَاتِهِ الزَّخْرَفِيَّةِ، وَالنَّسْخِ الَّذِي يَتَّسِمُ بِالوُضُوحِ وَالسَّلَاسَةِ. وَيَتِمُّ تَوظِيفُ كُلِّ نَوْعٍ بِحَسَبِ مَكَانِهِ وَالسِّيَاقِ النَّصِّيِّ وَالمَعْنَوِيِّ، لِيَتَكَامَلَ المَعْنَى مَعَ الجَمَالِ البَصَرِيِّ فِي مَشْهَدٍ خُطُوطِيٍّ زَاخِرٍ يُحاكِي تُرَاثَ الحَضَارَةِ العَرَبِيَّةِ وَالإِسْلَامِيَّةِ.
ضُيوفُ النَّدْوَةِ… نُخْبَةُ العَقْلِ وَالإِبْدَاعِ
اسْتَضَافَتْ نَدْوَةُ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ عَبْرَ مَسِيرَتِهَا، كَوْكَبَةً مِنَ الشَّخْصِيَّاتِ الفِكْرِيَّةِ وَالعِلْمِيَّةِ وَالإِبْدَاعِيَّةِ، مِنْهُمْ:
الأَمِيرُ خَالِدُ الفَيْصَلِ بْنُ عَبْدِالعَزِيزِ
المُشِيرُ مُحَمَّدٌ عَبْدُالغَنِي الجِمْسِي
الفَنَّانُ كَرَمُ مَطَاوِع
الشَّاعِرُ د. مَانِعٌ سَعِيدٌ العُتَيْبَةُ
الأَدِيبَةُ آنِي إِرْنُو (نُوبِل 2022)
المُفَكِّرُ د. فَهْمِي هُوِيدِي
الشَّاعِرُ سُلْطَانُ بْنُ عَلِي العُوَيْس
د. فَارُوقُ البَاز
د. يُوسُفُ القَرَضَاوِي
المُخْرِجُ مُصْطَفَى العَقَّاد
الشَّاعِرُ عَبْدُالوَهَّابِ البَيَاتِي
المُفَكِّرُ د. أَحْمَدُ صِدْقِي الدَّجَّانِي
الكَاتِبَةُ بِيرْجِيتْ بِيلي
المُفَكِّرُ د. عَبْدُالله الطَّيِّب
وَغَيْرُهُمْ مِنْ رُمُوزِ الفِكْرِ وَالإِبْدَاعِ العَرَبِيِّ وَالعَالَمِيِّ.
نَدْوَةُ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ… رِسَالَةٌ وَحُضُورٌ
تُعَدُّ نَدْوَةُ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ وَاحِدَةً مِنْ أَهَمِّ المُؤَسَّسَاتِ الثَّقَافِيَّةِ الرَّائِدَةِ فِي دَوْلَةِ الإِمَارَاتِ، حَيْثُ انْطَلَقَتْ فِي عَامِ 1987، لِتَكُونَ مِنْبَرًا لِدَعْمِ الحِرَاكِ الثَّقَافِيِّ وَتَكْرِيسِ قِيَمِ الحِوَارِ وَالإِبْدَاعِ وَالمَعْرِفَةِ.
الأَهْدَافُ:
تَشْجِيعُ المَوَاهِبِ وَالكَفَاءَاتِ الثَّقَافِيَّةِ وَالعِلْمِيَّةِ.
دَعْمُ الحَرَكَةِ الثَّقَافِيَّةِ وَتَنْمِيَتُهَا.
تَرْسِيخُ المَفَاهِيمِ الثَّقَافِيَّةِ الإِيجَابِيَّةِ.
تَعْزِيزُ التَّوَاصُلِ مَعَ الهَيْئَاتِ المُـمَاثِلَةِ دَاخِلِيًّا وَخَارِجِيًّا.
شَغْلُ أَوْقَاتِ الأَعْضَاءِ بِمَا يَعُودُ عَلَى المُجْتَمَعِ بِالفَائِدَةِ.
تَكْرِيسُ قِيَمِ التَّسَامُحِ وَالبُعْدِ عَنِ النِّزَاعَاتِ.
الجَوَائِزُ وَالإِصْدَارَاتُ
الجَوَائِزُ:
• جَائِزَةُ رَاشِدٍ لِلتَّفَوُّقِ العِلْمِيِّ: تُكَرِّمُ حَمَلَةَ الدُّكْتُورَاهِ وَالمَاجِسْتِيرِ مِنْ أَبْنَاءِ الإِمَارَاتِ.
• جَائِزَةُ شَخْصِيَّةِ العَامِ الثَّقَافِيَّةِ: تُـمْنَحُ ضِمْنَ جَائِزَةِ العُوَيْسِ تَكْرِيمًا لِشَخْصِيَّةٍ إِمَارَاتِيَّةٍ مُتَمَيِّزَةٍ.
• جَوَائِزُ العُوَيْسِ لِلدِّرَاسَاتِ وَالابْتِكَارِ العِلْمِيِّ:
o أَفْضَلُ كِتَابٍ
o أَفْضَلُ عَمَلٍ فَنِّيٍّ
o أَفْضَلُ ابْتِكَارٍ عِلْمِيٍّ
o مُسَابَقَةُ البُحُوثِ وَالدِّرَاسَاتِ لِلشَّبَابِ
o أَفْضَلُ عَمَلٍ فَنِّيٍّ لِلشَّبَابِ
الإِصْدَارَاتُ:
• مَجَلَّةُ حُرُوفٍ عَرَبِيَّةٍ: المَجَلَّةُ الوَحِيدَةُ عَالَمِيًّا المُتَخَصِّصَةُ فِي الخَطِّ العَرَبِيِّ.
عَن تَصْمِيمِ المَبْنَى:
المُهَنْدِسُ عَبْدُالله الهَاشِمِي، مُصَمِّمُ المَبْنَى، أَوْضَحَ أَنَّ إِدَارَةَ النَّدْوَةِ حَرَصَتْ عَلَى أَنْ يُجَسِّدَ المَبْنَى رُوحَ التُّرَاثِ الإِمَارَاتِيِّ، وَيُلَبِّيَ فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ تَطَلُّعَاتِ الاسْتِخْدَامِ العَصْرِيِّ.
وَرَغْمَ أَنَّ المَوْقِعَ كَانَ مُقَرَّرًا لَهُ بَدَايَةً فِي مَنْطِقَةِ الشِّنْدَغَةِ، فَقَدْ تَقَرَّرَ لَاحِقًا اخْتِيَارُ مَوْقِعٍ أَرْحَبَ فِي مَنْطِقَةِ بُحَيْرَةِ المَمْزَرِ. جَاءَ التَّحَدِّي الأَكْبَرُ فِي المُزَاوَجَةِ بَيْنَ المَوْرُوثِ وَالتَّطَوُّرِ، وَبَيْنَ المَرَافِقِ العَامَّةِ (المَسْرَحِ، القَاعَاتِ، المَكْتَبَةِ، المَكَاتِبِ) وَمُتَطَلَّبَاتِ الأَمْنِ، وَسُهُولَةِ التَّنَقُّلِ، وَتَجْرِبَةِ الزَّائِرِ.
وَحْدَهَا الرَّدْهَةُ الرَّئِيسِيَّةُ كَانَتْ وَتَبْقَى مِحْوَرًا مِعْمَارِيًّا وَرُوحِيًّا لِلْمَكَانِ: نَافِذَةٌ بَصَرِيَّةٌ وَوِجْدَانِيَّةٌ عَلَى كُلِّ أَرْوِقَةِ النَّدْوَةِ.
إِنَّ الزَّائِرَ لِمَبْنَى نَدْوَةِ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ فِي دُبَيّ، لَا بُدَّ أَنْ يَلْفِتَ نَظَرَهُ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ هٰذَا الصَّرْحُ مِنْ هَيْبَةٍ وَجَمَالٍ، وَاكْتِمَالٍ مِعْمَارِيٍّ يُزَاوِجُ بَيْنَ عَنَاصِرِ التُّرَاثِ وَرُوحِ المُعَاصَرَةِ، وَعَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ حُضُورِ الخَطِّ العَرَبِيِّ، الَّذِي يَزْدَانُ بِهِ المَكَانُ لِيَجْعَلَهُ تُحْفَةً ثَقَافِيَّةً فَرِيدَةً، تَسْتَحِقُّ التَّقْدِيرَ وَالثَّنَاءَ، لِمَا عَكَسَتْهُ مِنْ جُهُودٍ فِكْرِيَّةٍ وَمَادِّيَّةٍ مَشْهُودَةٍ، تُعَزِّزُ التَّفَاؤُلَ بِحَاضِرٍ وَمُسْتَقْبَلٍ ثَقَافِيٍّ مُشْرِقٍ، تَسْعَى إِلَيْهِ النَّدْوَةُ.
يَتَوَجُّ المَبْنَى الجَدِيدُ جِدَارِيَّةً ضَخْمَةً مِنَ الخَطِّ العَرَبِيِّ تَتَصَدَّرُ وَاجِهَتَهُ الرَّئِيسِيَّةَ، بِمِسَاحَةٍ تَبْلُغُ ٧٦ مِتْرًا طُولًا وَ١٠ أَمْتَارٍ ارْتِفَاعًا، نُقِشَتْ بِالكَامِلِ بِحُرُوفِ الثُّلُثِ، بِأُسْلُوبٍ يُحَاكِي قِطَعَ “المَشَقِّ” التَّقْلِيدِيَّةَ، وَهِيَ أَعْمَالٌ بَصَرِيَّةٌ يَتَدَرَّبُ الخَطَّاطُ مِنْ خِلَالِهَا عَلَى تَجْوِيدِ الحَرْفِ وَضَبْطِ نِسَبِهِ، حَيْثُ تَبْدُو التَّكْوِينَاتُ كَأَنَّهَا تَنْوِيعَاتٌ مُوسِيقِيَّةٌ مَحْفُورَةٌ بِإِتْقَانٍ عَلَى حَجَرِ الجِرَانِيتِ الصَّلْدِ، فِي تَوَافُقٍ دَقِيقٍ بَيْنَ الفَنِّ وَالمَادَّةِ وَالمَعْنَى.
الخَطُّ المِعْمَارِيُّ هُنَا لَيْسَ مُجَرَّدَ عُنْصُرٍ زُخْرُفِيٍّ، بَلْ هُوَ جُزْءٌ أَصِيلٌ مِنْ بِنْيَةِ المَكَانِ، يُعَبِّرُ بِصَمْتٍ فَنِيٍّ لَا يَقِلُّ تَأْثِيرًا عَنِ الكَلِمَةِ المَسْمُوعَةِ، بَلْ يَفُوقُهَا دِيمُومَةً وَثَبَاتًا. وَتَوْظِيفُ “المَشَقِّ” بِهٰذَا الشَّكْلِ يُعَزِّزُ مِنْ دَوْرِ الخَطِّ العَرَبِيِّ، بَوْصَفِهِ رَمْزًا لِلثَّقَافَةِ العَرَبِيَّةِ وَالإِسْلَامِيَّةِ فِي أَسْمَى تَجَلِّيَاتِهَا: الحَرْفُ، القَلَمُ، اللُّغَةُ، الكِتَابَةُ، المَعْرِفَةُ، وَالحِكْمَةُ.
وَعِنْدَ الدُّخُولِ إِلَى دَاخِلِ المَبْنَى، يَجِدُ الزَّائِرُ نَفْسَهُ فِي مَعْرَضٍ دَائِمٍ لِلْخَطِّ العَرَبِيِّ، تَتَوَزَّعُ أَعْمَالُهُ عَلَى جُدْرَانِ الرَّدْهَاتِ وَالمَنَاوِرِ وَدَرَجِ المَبْنَى. وَقَدْ خُطَّتْ بِآيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ وَنُصُوصٍ أَدَبِيَّةٍ مُنْتَقَاةٍ بِعِنَايَةٍ مِنَ الأَدِيبِ الأُسْتَاذِ مُحَمَّد المَرّ، لِتَكُونَ دَلَالَاتٍ بَصَرِيَّةً عَلَى عُمْقِ المَعَانِي الثَّقَافِيَّةِ وَالمَعْرِفِيَّةِ، نَفَّذَهَا نُخْبَةٌ مِنَ الخَطَّاطِينَ بِخُطُوطِ الثُّلُثِ وَالكُوفِيِّ، عَلَى الجُدْرَانِ الجَصِّيَّةِ وَالزُّجَاجِ المِعْمَارِيِّ، بِأَحْجَامٍ كَبِيرَةٍ تُنَاسِبُ البِنَاءَ وَتُجَسِّدُ جَمَالِيَّتَهُ.
وَقَدْ تَوَلَّى الفَنَّانُ مُحَمَّد فِرَاس عَبُّو وَضْعَ التَّصَامِيمِ الزُّخْرُفِيَّةِ وَالهَنْدَسِيَّةِ، مُوَظِّفًا الخَطَّ العَرَبِيَّ بِطَرِيقَةٍ تَدْمِجُ بَيْنَ الطَّابَعِ المَحَلِّيِّ وَالفَنِّ الإِسْلَامِيِّ التَّقْلِيدِيِّ. أَمَّا المَشَقُّ الخَارِجِيُّ فَقَدْ خَطَّهُ الفَنَّانُ وَسَام شَوْكَت، وَشَارَكَ فِي تَنْفِيذِ الأَعْمَالِ الدَّاخِلِيَّةِ الخَطَّاطُونَ: مُحَمَّد فَارُوق الحَدَّاد، د. صَلَاح الدِّين شِيرْزَاد، الأُسْتَاذ تَاج السِّر حَسَن، مُحَمَّد عِيسَى، وَفِي الخَطِّ الكُوفِيّ: مُحَمَّد رِضَا بِلَال.
فِي أَرْوِقَةِ النَّدْوَةِ – مَسْرَحُ النَّدْوَةِ
يُوَفِّرُ مَسْرَحُ نَدْوَةِ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ بِيئَةً رَاقِيَةً تَحْتَضِنُ الفَعَالِيَّاتِ الثَّقَافِيَّةَ وَالفَنِّيَّةَ الكُبْرَى، مِنْ حَفَلَاتٍ مُوسِيقِيَّةٍ وَعُرُوضٍ مَسْرَحِيَّةٍ وَمُؤْتَمَرَاتٍ، إِلَى احْتِفَالَاتِ تَخْرِيجِ الطَّلَبَةِ. صُمِّمَ المَسْرَحُ لِيَسْتَوْعِبَ أَكْثَرَ مِنْ ٩٠٠ شَخْصٍ، مَعَ خَشَبَةِ عَرْضٍ وَاسِعَةٍ تَبْلُغُ مِسَاحَتُهَا ٣٤٥ مِتْرًا مُرَبَّعًا، وَأَرْضِيَّةٍ مُدَرَّجَةٍ تُتِيحُ رُؤْيَةً وَاضِحَةً لِكَافَّةِ الحُضُورِ.
تَتَمَيَّزُ مَقَاعِدُ المَسْرَحِ بِتَصْمِيمٍ عَمَلِيٍّ يُوَفِّرُ الرَّاحَةَ، وَهِيَ مَزُوَّدَةٌ بِمَسَانِدَ وَمَنَاضِدَ قَابِلَةٍ لِلطَّيِّ. وَيَضُمُّ شَاشَةَ عَرْضٍ ضَخْمَةً تُسْتَخْدَمُ لِعُرُوضِ الأَفْلَامِ وَالعُرُوضِ التَّقْدِيمِيَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مُجَهَّزٌ بِأَحْدَثِ أَنْظِمَةِ الصَّوْتِ وَالإِضَاءَةِ، مَعَ سِتَارَةٍ رَئِيسِيَّةٍ تُدَارُ آلِيًّا لِتَتَنَاسَبَ مَعَ مُتَطَلَّبَاتِ العُرُوضِ المُخْتَلِفَةِ.
خُصِّصَ فِي الطَّابِقِ السُّفْلِيِّ مَمَرٌّ تِقْنِيٌّ لِتَسْهِيلِ حَرَكَةِ الكَامِيرَاتِ التِّلْفِزْيُونِيَّةِ وَالتَّصْوِيرِ الضَّوْئِيِّ، مِمَّا يُتِيحُ تَغْطِيَةً احْتِرَافِيَّةً لِلْفَعَالِيَّاتِ. وَيَضُمُّ المَسْرَحُ مَدْخَلًا خَاصًّا وَرُدْهَةَ اسْتِقْبَالٍ أَنِيقَةً تَتَّسِعُ لِإِقَامَةِ البُوفِيهَاتِ المُصَاحِبَةِ لِلْفَعَالِيَّاتِ، بِالإِضَافَةِ إِلَى دَرَجٍ وَاسِعٍ يُؤَدِّي إِلَى المُدَرَّجَاتِ فِي الطَّابِقِ العُلْوِيِّ.
المَسْرَحُ مُقَسَّمٌ إِلَى طَابِقَيْنِ يَحْتَوِيَانِ عَلَى تِسْعَةِ مَدَاخِلَ وَمَخَارِجَ (أَرْبَعَةٌ فِي الطَّابِقِ العُلْوِيِّ وَخَمْسَةٌ فِي السُّفْلِيِّ)، مَا يُسَهِّلُ الوُصُولَ إِلَى المَقَاعِدِ بِسَلَاسَةٍ وَسُرْعَةٍ، خُصُوصًا فِي المُنَاسَبَاتِ ذَاتِ الحُضُورِ الكَبِيرِ. كَمَا تَتَوَفَّرُ دَوْرَاتُ مِيَاهٍ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الجَانِبَيْنِ، لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
وَلِضَمَانِ الخُصُوصِيَّةِ، خُصِّصَ مَجْلِسٌ رَاقٍ لِكِبَارِ الشَّخْصِيَّاتِ، مَعَ مَدْخَلٍ خَاصٍّ يُتِيحُ لِلضُّيُوفِ المُهِمِّينَ الِانْتِقَالَ مِنَ المَجْلِسِ إِلَى المَسْرَحِ مُبَاشَرَةً. أَمَّا خَلْفَ الكَوَالِيسِ، فَتُوجَدُ أَرْبَعُ غُرَفٍ لِتَبْدِيلِ المَلَابِسِ، اثْنَتَانِ صَغِيرَتَانِ وَاثْنَتَانِ كَبِيرَتَانِ، مُجَهَّزَةٌ بِمَرَايَا لِلإِضَاءَةِ وَالمَكِيَاجِ.
وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّنْظِيمِ، تَمَّ تَجْهِيزُ بَوَّابَةٍ خَلْفِيَّةٍ مُخَصَّصَةٍ لِتَحْمِيلِ المُعِدَّاتِ وَالدِّيكُورَاتِ، كَمَا وُضِعَتْ ضَوَابِطُ لِلحِفَاظِ عَلَى فَخَامَةِ المَكَانِ، مِنْهَا مَنْعُ إِدْخَالِ الأَطْعِمَةِ وَالمَشْرُوبَاتِ (سِوَى المِيَاهِ)، وَحَظْرُ التَّدْخِينِ حِفَاظًا عَلَى صِحَّةِ الجُمُهُورِ وَسَلَامَةِ المَبْنَى.
فِي أَرْوِقَةِ النَّدْوَةِ – قَاعَاتُ المُحَاضَرَاتِ وَالنَّدَوَاتِ
تَضُمُّ نَدْوَةُ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ قَاعَةً مُتَعَدِّدَةَ الِاسْتِخْدَامِ تَسْتَوْعِبُ حَتَّى ٢٠٠ شَخْصٍ، وَتَتَمَيَّزُ بِإِمْكَانِيَّةِ تَقْسِيمِهَا إِلَى قَاعَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ (قَاعَة أ وَقَاعَة ب) بِوَاسِطَةِ فَاصِلٍ قَابِلٍ لِلسَّحْبِ، مِمَّا يُتِيحُ مُرُونَةً فِي تَنْظِيمِ الفَعَالِيَّاتِ حَسْبَ الحَاجَةِ.
القَاعَةُ مَزُوَّدَةٌ بِمِنَصَّةِ تَقْدِيمٍ، وَغُرْفَةِ تَحَكُّمٍ، وَأَجْهِزَةِ لَابْتُوب، وَمِيكْرُوفُونَات، بِالإِضَافَةِ إِلَى نِظَامِ عَرْضٍ بَصَرِيٍّ مُتَطَوِّرٍ. وَهِيَ مِثَالِيَّةٌ لِلْمُحَاضَرَاتِ، وَالنَّدَوَاتِ، وَوِرَشِ العَمَلِ، وَالدَّوْرَاتِ التَّدْرِيبِيَّةِ، وَالمُؤْتَمَرَاتِ الصَّحَفِيَّةِ، وَالعُرُوضِ التَّقْدِيمِيَّةِ المُصَغَّرَةِ.
أَرْضِيَّةُ القَاعَةِ غَيْرُ مُدَرَّجَةٍ، مَا يُتِيحُ إِمْكَانِيَّةَ تَرْتِيبِ الكَرَاسِيِّ بِمُرُونَةٍ، سَوَاءٌ عَلَى شَكْلِ حَلَقَاتٍ أَوْ مَجْمُوعَاتِ عَمَلٍ أَوْ حَرْف (U)، حَسَبَ طَبِيعَةِ الفَعَالِيَّةِ. كَمَا تَتَّصِلُ القَاعَةُ بِشَبَكَةِ الإِنْتِرْنِت، وَتَضُمُّ شَاشَاتِ عَرْضٍ “Data Show” لِدَعْمِ المُحْتَوَى البَصَرِيِّ.
تَتَوَفَّرُ مِسَاحَةٌ خَارِجِيَّةٌ مُلَاصِقَةٌ لِلْقَاعَةِ، تُعَدُّ مِثَالِيَّةً لِإِقَامَةِ بُوفِيهَاتٍ صَغِيرَةٍ أَوْ اسْتِقْبَالِ الضُّيُوفِ عَلَى هَامِشِ الفَعَالِيَّاتِ.
فِي أَرْوِقَةِ النَّدْوَةِ – قَاعَةُ المَعَارِضِ
تُجَسِّدُ قَاعَةُ المَعَارِضِ فِي نَدْوَةِ الثَّقَافَةِ وَالعُلُومِ رُوحَ الحَدَاثَةِ وَالتَّنَوُّعِ، فَهِيَ صَالِحَةٌ لِاسْتِضَافَةِ المَعَارِضِ المُتَنَوِّعَةِ، كَمَعَارِضِ الكُتُبِ، وَالحِرَفِ اليَدَوِيَّةِ، وَالفُنُونِ التَّشْكِيلِيَّةِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الأَنْشِطَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ.
تُتِيحُ القَاعَةُ إِمْكَانِيَّةَ تَقْسِيمِهَا إِلَى قَاعَتَيْنِ مُنْفَصِلَتَيْنِ بِاسْتِخْدَامِ جِدَارٍ قَابِلٍ لِلسَّحْبِ (قَاعَة أ وَقَاعَة ب)، وَهِيَ مَزُوَّدَةٌ بِأَحْدَثِ التِّقْنِيَّاتِ مِثْلَ نِظَامِ الصَّوْتِ وَشَاشَاتِ العَرْضِ. كَمَا خُصِّصَتْ مِسَاحَةٌ أَمَامِيَّةٌ رَحْبَةٌ لِتَقْدِيمِ خَدَمَاتِ الضِّيَافَةِ المُصَاحِبَةِ لِلْفَعَالِيَّاتِ وَالمَعَارِضِ.