كشفت عن مشروع لاستعادة أنغام الزمن الجميل

كشفت عن مشروع لاستعادة أنغام الزمن الجميل
روّاد الأغنية الإماراتية على منصة «ندوة الثقافة والعلوم»

05-04-2017

في أمسيةٍ أحيتها ندوة الثقافة والعلوم بدبي واستعادت فيها الذاكرةُ أنغاماً إماراتيةً من الزمن الجميل، احتلّ «العود» مكانته على المنصّة، وقدّم مستشارا مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث: الفنان إبراهيم جمعة، والشاعر خالد البدور، محتوىً فنياً وبحثياً متكاملين ضمن ندوة حملت عنوان «روّاد الأغنية الشعبية الإماراتية»، وأدارها الفنان عبد الله صالح مساء أول من أمس في مقر الندوة. وقد تحوّلت الأمسية، في كثير من محطّاتها، إلى ما يشبه السَّهرة الفنيّة، بفضل طبيعة التداخل الحيّ بين السرد التوثيقي والأداء الموسيقي.
منصة الندوة… حيث تلتقي الذاكرة بالبحث والفن
من على منصة ندوة الثقافة والعلوم، طرح الفنان إبراهيم جمعة رؤية نقدية تجاه الفصل المصطنع بين الألحان والموروث الموسيقي العربي من جهة، والمحلّي من جهة أخرى. وقال: «من حق كل عربي أن يستلهم أعمال الرواد الإماراتيين دون خشية من اتهامات التعدّي، ومن حقي الارتكاز على موروث سيد درويش ونظرائه؛ فأغاني وموسيقى العُرب تخصّني، وهي جزء أصيل من تكوين الذائقة الموسيقية الجمعية». وأردف: «نحن في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث مقبلون على مشروعٍ رائد يضع الأمور في نصابها ويعمل على توثيق التراث توثيقاً شاملاً».
«الهوى غلّاب»… ودندنةٌ تقود إلى الزمن الأجمل
شارك إبراهيم جمعة في الغناء بمصاحبة العود لبعض الأعمال، مستعيذا أصوات روّادٍ من أمثال جابر جاسم، الذي قال عنه: «سمعته يغني هوا صحيح الهوى غلاب، وهي من أصعب الأغاني لحناً وأداءً، بشكلٍ مُبهر، وكذلك سماح؛ كان نموذجاً للصوت المميّز والملحّن البديع». وخارج قوالب قراءة الأوراق وسرد الآراء، انسجمت الأمسية مع حضور العود عبر أداء الفنان حسن علي، الذي التقط روح المحتوى الفني وقدّمه عذباً متدفّقاً، ما أغرى إبراهيم جمعة و عبد الله صالح بـ «دندنة» استثنائية بدت كإبحارٍ جماعي نحو الزمن الجميل.
عرضٌ مصوّر وتوثيقٌ مشوّق
تنوّعت وسائط التقديم بين العرض المصوّر تارةً والمسموع تارةً أخرى؛ حيث حضرت النماذج الغنائية للروّاد على الشاشة، فيما تولّى خالد البدور مهمّة تتبّع محطاتهم البارزة وتقديم مادةٍ موثّقة لم تخلُ من التشويق. وفي المقابل، ذهب إبراهيم جمعة إلى تفاصيل فنية في الخصائص الصوتية والإبداعية لكل رائدٍ على حدة، مستدعياً ملامح المسيرة ذات الصلة بإيجازٍ لا يخلّ بإيقاع الأمسية التي جمعت بين المعلومة الموثّقة والإمتاع الفني في آنٍ.
مشروعٌ مشترك لاستعادة أنغام «الزمن الجميل»
كشف إبراهيم جمعة عن مشروعٍ توثيقيٍّ كبير يستلهم ويجمع أعمال الزمن الجميل، بالتعاون مع خالد البدور وتحت مظلة مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، بما يرسّخ ذاكرة الأغنية الإماراتية ويعيد تقديمها للأجيال الجديدة برؤيةٍ منهجية.
حضورٌ أدبي وثقافي رفيع
استُهلّت الأمسية، التي حضرها الأديب محمد المر، والأديب عبد الغفار حسين، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، بنبذة قدّمها البدور حول الفنان محمد عبد السلام، بوصفه أول مطربٍ إماراتي يذيع صيته؛ وهو من مواليد منتصف العقد الثاني من القرن الماضي، واحترف الغناء مبكّراً.
من محمد بن سهيل إلى جابر جاسم… خيطٌ من الروّاد
توقّف البدور عند المطرب محمد بن سهيل (1931–1931)، المولود في دبي وأحد روّاد الغناء في الإمارات، مشيراً إلى أنّه اضطرّ للسفر صغيراً إلى البحرين بعد وفاة والده، ثم انتقل للعمل في السعودية بشركة أرامكو، غير أنّ شغفه بالغناء دفعه لافتتاح محلّ «أسطوانات سهيل»، قبل أن يعود إلى الإمارات عام 1968، ومن أشهر أغانيه «في بوظبي شفت الظبي».
وعند محطة الفنان حارب حسن، تفاعل إبراهيم جمعة وعازف العود حسن علي عبر أغنية «يا حبيب القلب». وأشار البدور إلى أن حارب حسن، ابن رأس الخيمة، انتقل للعيش في العين وأبو ظبي، واحترف الغناء، وسافر إلى البحرين واقترب من كبار المغنين، وسجّل الكثير من الأغاني.
وعادت رأس الخيمة للواجهة عبر علي بن روغة (المعروف فنياً بـ «على بروغة») المولود في الجزيرة الحمراء؛ فقد امتلك أسلوباً خاصاً تأثّر فيه بـ حارب حسن وترك بصمته على مطربين كُثُر. أمّا الوصول إلى جابر جاسم فكان اقتراباً من مرحلةٍ غير بعيدة زمنياً مقارنةً بالنماذج السابقة؛ فعلى الرغم من رحيله منذ نحو 16 عاماً فقط، فإنّه يُصنَّف – بحسب خالد البدور – رائداً مجدِّداً في الأغنية الإماراتية. وُلد جابر جاسمفي أبو ظبي عام 1952، واشتهر بتقديم ألحانٍ حديثة لم تألفها الأذن الإماراتية من قبل، ومن أشهر أعماله «سيدي يا سيد ساداتي».
رائدات الطرب… موزة سعيد باسم «رجاء عبده»
ومن أبرز نماذج الطرب النسائي، استعرض البدور سيرة موجزة للفنانة موزة سعيد، مع عرض أغنية مصوّرة من أرشيف «دبي زمان»، لافتاً إلى أنّها من أوائل الفنانات الخليجيات وأول مطربة إماراتية؛ إذ غنّت مبكّراً جداً تحت اسمٍ مستعار هو «رجاء عبده».
قائمة من الأسماء الراسخة
وثّق البدور قائمةً من الأسماء التي رسّخت حضورها بوصفها روّاد الأغنية الإماراتية الحديثة: عبد الله بالخير، عيد الفرج، ميحد حمد، سالم عثمان، مبارك جاسم عبيد، إبراهيم الماس، فتى شمل (أحمد علي)، عبد الله حميد، سعيد الشراري، سعيد سالم المعلم؛ وهي أسماء صنعت جسراً فنياً بين الذاكرة الشعبية والتجديد الموسيقي.

كشفت عن مشروع لاستعادة أنغام الزمن الجميل
Scroll to top