مِن إِيمَانٍ رَاسِخٍ بِأَنَّ الكَلِمَةَ فِعْلٌ، وَالثَّقَافَةَ وَعْيٌ، وَالعِلْمَ رِسَالَةٌ لَا تَنْفَصِلُ عَنْ مَصِيرِ الأُمَمِ… وَمِنْ يَقِينٍ بِأَنَّ مَنْ يَخْتَارُ طَرِيقَ الثَّقَافَةِ، إِنَّمَا يَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا عَلَى الزَّمَنِ، وَشَرِيكًا فِي صِيَاغَتِهِ، وَحَارِسًا لِقِيَمِ الإِنْسَانِ فِي ذَاتِهِ وَمُجْتَمَعِهِ
اِنْبَثَقَتْ هَذِهِ النَّدْوَةُ، لَا بِوَصْفِهَا مُجَرَّدَ مُؤَسَّسَةٍ، بَلْ كِنِدَاءٍ فِكْرِيٍّ حَمَلَهُ كَوْكَبَةٌ مِن أَبْنَاءِ هَذَا الوَطَنِ، مِمَّنْ تَشَرَّبُوا حُبَّ المَعْرِفَةِ، وَذَاقُوا لَذَّةَ السُّؤَالِ، وَارْتَأَوْا أَنْ يُنْقَلَ العَمَلُ الثَّقَافِيُّ مِنَ العَفَوِيِّ إِلَى المُؤَسَّسِيِّ، وَمِنَ المَجْهُودِ الفَرْدِيِّ إِلَى المَشْرُوعِ الجَمَاعِيِّ، وَمِنَ اللَّحْظَةِ إِلَى الِاسْتِمْرَارِيَّةِ
نَحْنُ الَّذِينَ اجْتَمَعْنَا عَلَى الوَعْيِ، وَأَلَّفَتْ بَيْنَنَا القِيَمُ، لَا الأَهْوَاء؛ أَدْرَكْنَا أَنَّ الثَّقَافَةَ لَيْسَتْ نَشَاطًا جَانِبِيًّا فِي يَوْمِ المَدِينَةِ، بَلْ رُوحُهَا الحَيَّةُ، وَهُوِيَّتُهَا العَمِيقَةُ، وَوَجْهُهَا المُشْرِقُ أَمَامَ العَالَمِ. آمَنَّا بِأَنَّ الوَقْتَ أَثْمَنُ مِنْ أَنْ يُهْدَرَ فِي الهَامِشِ، وَبِأَنَّ الفِكْرَ لَا بُدَّ أَنْ يُسْتَثْمَرَ لِصَالِحِ الإِنْسَانِ، وَبِأَنَّ كُلَّ جُهْدٍ ثَقَافِيٍّ، مَهْمَا بَدَا مُتَوَاضِعًا، هُوَ سَهْمٌ فِي جَسَدِ المُسْتَقْبَلِ